تطوير جهاز كمي

أعلنت الشركة الدولية لأجهزة الأعمال IBM يوم الثلاثاء 15/8/2000 أنها قامت بتطوير أحدث جهاز حاسوب كمي في العالم وهو جهاز يعتمد على الخصائص الهائلة لفيزياء الكم التي تجعل بالإمكان استخدام الذرات في مجموعات لتعمل كمعالج أو كوحدة ذاكرة. فقد قالت شركة IBM أن الحاسوب الذي يستخدم خمس ذرات للعمل كمعالج وذاكرة يبرز للمرة الأولى قدرة مثل هذه الأجهزة على حل مشكلات معينة بسرعة فائقة تتجاوز كثيرا الأجهزة التعليمية. ويمثل هذا الجهاز التجريبي الخطوة التالية نحو جيل جديد من الأجهزة قادر على التسريع الفائق للعمليات الحسابية.

يقول اسحق شوانغ الباحث في IBM والذي قاد فريق العلماء من كل من IBM وجامعة ستانفورد وجامعة كالغاري:" يمكن استخدام الحاسوب الكمي لأغراض تطبيقية مثل البحث في قواعد البيانات، فمثلا يمكن للبحث في الشبكة الدولية (الإنترنت) أن يسرع بشكل كبير جدا لكن ربما لا يمكن ذلك للبرامج الكثيرة المهام مثل معالجات الكلمات". ويمكن استخدام الحاسوب الكمي كذلك في عمليات التشفير أي في إنشاء وفك الشيفرات. وقد أثار ذلك اهتمام كل من إدارة الأمن القومي ووزارة الدفاع الأمريكيتين واللتان تمولان جهود ستانفورد لبناء حاسوب كمي.

ويتوقع للطريقة الحالية في صناعة المعالجات التي تتزايد يوما بعد يوم وتصبح أكثر صغرا وقدرة حسب ما تبين فرضية تعرف بقانون مور، يتوقع لهذه الطريقة أن تصطدم بعقبات خلال العقد القادم أو نحوه. فهذه الطريقة (صناعة السيليكون) لن تسمح بصنع "الميكرورقيقة" بحجم جزيء، مجبرة الباحثين على محاولة بناء الحواسيب باستخدام "جدائل من الجينات" أو تطوير تقنيات دقيقة أخرى. يقول اسحق شوانغ: تبدأ الحوسبة الكمية حيث ينتهي مجال قانون مور أي حوالي عام 2020 عندما تصبح أبعاد الدوائر الكهربائية مقاربة لأبعاد الجزيئات. بالتأكيد عندها ستكون أجزاء الحواسيب الكمية هي الذرات والجزيئات.

وقال شوانغ في مقابلة أن فريقه استخدم الحاسوب الكمي التجريبي لحل مسألة رياضية نموذجية تستخدم في التشفير؛ وهي إيجاد فترة اقتران، وكانت النتيجة أن الحاسوب الكمي حل المسألة في خطوة واحدة بينما يتطلب الحاسوب التقليدي عدة دورات متتالية لحلها. وأضاف قائلا: أعتقد أن هذه التجربة تثبت أننا على الطريق الذي يتنبأ ويبين أن الحاسوب الكمي سيكون مفيدا جدا يوما ما. يقوم عمل الحاسوب الكمي على لف الإلكترونات أو النوى وعلى الخواص الغريبة للجسيمات الكمية من حيث قدرتها على اللف باتجاهات مختلفة في نفس الوقت. فعندما يكون لف الإلكترون للأعلى تقرأ قيمة الذرة بأنها واحد بينما يقرأ اللف للأسفل على أنه صفر مما يناظر لغة النظام الرقمي الثنائي المستخدم في الحواسيب التقليدية، فهذه الأجهزة التقليدية تستخدم الترانزستورات التي تفتح وتغلق لتمثل الواحد والصفر.

أما الفريد في الحواسيب الكمية فهو أن الجسيمات الكمية يمكنها أن تكون في حالة تراكب حيث تلف في نفس الوقت للأعلى والأسفل. ويقول شوانغ:" نظرا لصغر حجمها وما إذا كانت معزولة جيدا يمكنها أن تلف للأعلى والأسفل في نفس الوقت". وهذه الحالة يمكن أن تمثل كلا من الصفر والواحد وأي شيء بينهما وبدلا من حل المسألة بإضافة الأرقام بشكل تسلسلي يمكن للحاسوب الكمي أضافتها في نفس الوقت. وهذه الظاهرة تثبت تمتع للحاسوب الكمي بقدرة هائلة كما يقول شوانغ ولبعض أنواع الحسابات كالخوارزميات المركبة أو عمليات للبحث. فحاسوب كمي يستخدم عدة مئات إضافية من الذرات سيكون قادرا على إجراء مليارات من العمليات الحسابية في نفس الوقت. وعلى كل حال فمن غير الواضح متى سيكون مثل هذا الحاسوب متاحا بشكل تجاري غير أن شوانغ يقول أن من المتوقع استخدام من سبع إلى عشر ذرات في حواسيب كمية أكثر تقدما خلال العامين القادمين.