استخدم آينشتاين تجربة ذهنية ذكية لكي يصل إلى هذه المعادلة التي تصف العلاقة بين الكتلة و الطاقة.
أولا، دعنا نأخذ جسيما ضوئيا (فوتون). إن إحدى الخواص المثيرة للاهتمام التي يملكها الفوتون هي كمية الحركة (الزخم)،
و مع ذلك فإنه لا يملك كتلة! و أول من درس كمية حركة الموجات الكهرومغناطيسية هو ماكسويل في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.
إذا كنت –أيها القارئ- مطلعا على الفيزياء الأساسية؛ فإننا نعلم أن كمية الحركة تتكون من مركبتين هما: الكتلة و السرعة.
و لنا أن نطرح السؤال التالي: كيف تكون للفوتون كمية حركة على الرغم من
أنه لا يملك كتلة؟ إن فكرة آينشتاين العظيمة هي أن طاقة الفوتون لا بد أن
تكافئ قدرا محددا من الكتلة،
و بالتالي يمكن أن ترتبط –طاقة الفوتون- بكمية الحركة.
إن تجربة آينشتاين الذهنية توصف بما يلي:
أولا، تخيل صندوقا ثابتا يطفو في أعماق الفضاء. بداخل الصندوق، ينبعث فوتون و يسير من جهة اليسار إلى اليمين.
طالما أن كمية حركة أي نظام فيزيائي محفوظة؛ فإن الصندوق لا بد أن يرتد
إلى جهة اليسار عندما ينبعث الفوتون. و بعد وقت ما يصطدم الفوتون بالطرف
الآخر للصندوق ناقلا كل كمية حركته إلى الصندوق.
إن كمية حركة النظام محفوظة؛ لذلك فإن أثر ذلك الاصطدام هو أن يتوقف الصندوق عن الحركة.
و لكن هناك مشكل لسوء الحظ. طالما أنه لا توجد قوى خارجية مطبقة على النظام، فلا بد أن يبقى مركز كتلة النظام في الموضع نفسه.
و لكن الصندوق قد تحرك! فكيف يمكن لحركة الصندوق أن تبقى متوافقة مع بقاء مركز كتلة النظام ثابتا؟
لقد حلّ آينشتاين هذا التناقض الظاهر، و ذلك بأن اقترح أنه لا بد من وجود كتلة مكافئة لطاقة الفوتون.
بعبارة أخرى، طاقة الفوتون لا بد أن تكون مكافئة لكتلة تتحرك من اليسار
إلى اليمين داخل الصندوق. و زيادة على ذلك، لا بد أن تكون تلك الكتلة
كبيرة بدرجة كافية لإبقاء مركز كتلة النظام ثابتا!
دعنا الآن نفكر و نحاول أن نمثل هذه التجربة الذهنية رياضيًّا.
سوف نستخدم علاقة ماكسويل لكمية حركة الموجة الكهرومغناطيسية التي تملك طاقة ما، و ذلك لكي نعطي الفوتون الذي ندرسه كمية حركة ما.
إذا كانت طاقة الفوتون هي E، و سرعة الضوء هي C؛ فإن كمية حركة الفوتون تعطى –حسب ماكسويل- كالتالي:
...1
أما الصندوق الذي كتلته M فسوف يرتد ببطء في الاتجاه المعاكس لاتجاه حركة
الفوتون، و ذلك بسرعة قدرها v. لذلك ستكون كمية حركة الصندوق هي:
...2
سوف يستغرق الفوتون وقتا قصيرا
لكي يصل إلى الطرف الآخر من الصندوق. و خلال ذلك الزمن سيكون الصندوق قد تحرك مسافة قصيرة
. و لذا فإن سرعة الصندوق ستكون:
...3
و من حفظ كمية الحركة لدينا:
...4
إذا كان طول الصندوق L، فسيكون الوقت الذي يستغرقه الفوتون ليصل إلى الجهة الأخرى من الصندوق هو:
...5
و بتعويض ذلك في معادلة حفظ كمية الحركة (4) مع إعادة الترتيب نحصل على:
...6
الآن، دعنا نفترض في هذا الوقت أن الفوتون يمتلك كتلة ما! نرمز لها بـ m.
في هذه الحالة يمكن أن نحسب مركز الكتلة للنظام ككل. فإذا كان موضع
الصندوق هو x1، و كان موضع الفوتون x2؛ فإن مركز كتلة النظام هو:
...7
و يلزمنا –كما ذكرنا سابقا- أن يكون مركز كتلة النظام ثابتا؛ لذلك فإن
مركز الكتلة في بداية التجربة لا بد أن يكون نفسه في نهاية التجربة. و
رياضيا:
...8
و طالما أن الفوتون يبدأ الحركة من يسار الصندوق، لذا فإن x2 = 0. و بإعادة ترتيب المعادلة (
و تيسيرها نحصل على:
....9
و بتعويض المعادلة (4) في المعادلة (9) نحصل على:
...10
و بإعادة ترتيب العلاقة نحصل على المعادلة النهائية:
دعنا نفكر الآن، ماذا تعني هذه المعادلة. تقترح هذه المعادلة أن كتلةً معطاة يمكن أن تتحول إلى طاقة. و لكن، كم مقدار هذه الطاقة؟
إذا افترضنا أن لدينا كتلة ما قدرها
، فإن تحويل هذه الكتلة إلى طاقة يعطي ما مقدراه (
) جول من الطاقة.
و بمعرفة أن
؛فإن الطاقة الناتجة هي طاقة هائلة تكافئ 21.48 MTon من TNT!!
في الواقع، لا يمكن تحويل الكتلة كلها إلى طاقة. و لكن هذه المعادلة قادت
بشكل مباشر تطوير الطاقة النووية و القنبلة النووية. و في الغالب، تلك هي
النتيجة الملموسة للنسبية الخاصة!